بسم الله الرحمن الرحيم
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
مصادر القوة عند المؤمن
الإيمان بالله
المؤمن قوي، لأنه يستمد قوته من الله العلي الكبير، الذي يؤمن به، ويتوكل
عليه، ويعتقد أنه معه حيث كان(ومن يتوكل على الله فإن الله عزيز حكيم)
عزيز لا يذل من توكل عليه، حكيم لا يضيع من اعتصم بحكمته وتدبيره,
(إن ينصركم الله فلا غالب لكم، وإن يخذلكم فمن ذا الذي ينصركم من بعده،
وعلى الله فليتوكل المؤمنون)والتوكل على الله ,وهو من ثمار الإيمان,ليس
استسلام متبطل، أو استرخاء كسول,إنه معنى حافز، وشحنة نفسية، تغمر
المؤمن بقوة المقاومة، وتملؤه بروح التحدي والإصرار،والقرآن يقص علينا آثار
هذا التوكل,هذا موسى بعد أن تميز بقومه عن معسكر الفراعنة يقول لهم(يا
قوم إن كنتم آمنتم بالله فعليه توكلوا إن كنتم مسلمين,فقالوا على الله
توكلنا
ربنا لا تجعلنا فتنة للقوم الظالمين,ونجنا برحمتك من القوم الكافرين)وها هم
الرسل جميعاً يعتصمون بالتوكل على الله أمام عناد أقوامهم وإيذائهم (وما
لنا ألا نتوكل على الله وقد هدانا سبلنا، ولنصبرن على ما آذيتمونا، وعلى
الله
فليتوكل المتوكلون)الإيمان بالحق,يستمد المؤمن
قوته من الحق الذي يعتنقه، فهو لا يعمل لشهوة عارضة، ولا لنزوة طارئة ولا
لمنفعة شخصية، ولا للبغي على أحد من البشر، ولكنه يعمل للحق الذي قامت
عليه السموات
والأرض، والحق أحق أن ينتصر، والباطل أولى أن يندثر (بل نقذف بالحق على
الباطل فيدمغه فإذا هو زاهق)(وقل جاء الحق وزهق الباطل، إن الباطل كان
زهوقاً)المؤمن بإيمانه بالله وبالحق على أرض صلبة غير خائر ولا
مضطرب، لأنه يعتصم بالعروة الوثقى ويأوي إلي ركن شديد(فمن يكفر بالطاغوت،
ويؤمن بالله فقد استمسك بالعروة الوثقى لا انفصام لها)فليس هو مخلوقاً
ضائعاً، ولا كماً مهملاً، إنه خليفة الله في الأرض، إن تظاهر عليه أهل
الباطل، فإن الله هو مولاه وجبريل وصالح المؤمنين، والملائكة بعد ذلك ظهير,فكيف يضعف المؤمن أمام البشر ومن ورائه الملائكة,بل كيف ينحني للخلق ومعه الخالق(الذين قال لهم الناس إن الناس قد جمعوا لكم فاخشوهم فزادهم
إيماناً وقالوا حسبنا الله ونعم الوكيل,فانقلبوا بنعمة من الله وفضل لم يمسسهم سوء)الإيمان بالخلود,ويستمد المؤمن قوته من الخلود الذي يوقن به، فحياته ليست هذه الأيام المعدودة, إنها حياة الأبد، وإنما ينتقل من دار إلى دار,وما
الموت إلا رحلة غير أنها من المنزل الفاني إلى المنزل الباقي,هذا أنس بن
النضر يقاتل قتال الأبطال في أحد، ويلقاه سعد بن معاذ فيقول له, يا سعد،
الجنة ورب النضر,أجد ريحها من وراء أحد,الإيمان بالقدر,ويستمد المؤمن قوته
من القدر الذي يؤمن به، فهو يعلم أن ما أصابه من مصيبة فبإذن الله، وأن
الإنس والجن لو اجتمعوا على أن ينفعوه بشيء لم ينفعوه إلا بشيء قد كتبه
الله له، ولو اجتمعوا على أن يضروه بشيء لم يضروه إلا بشيء قد كتبه الله
عليه، (قل لن يصيبنا إلا ما كتب الله لنا هو مولانا، وعلى الله فليتوكل
المؤمنون)المؤمن يعتقد أن رزقه مقسوم، وأجله محدود، لا يستطيع أحد أن يحول
بينه وبين ما قسم الله له من رزق، ولا أن ينتقص ما كتب الله له من أجل،
وهذه العقيدة تعطيه ثقة لا حدود لها، وقوة لا تقهرها قوة بشر,وقد كان الرجل
يذهب إلى الميدان مجاهداً في سبيل الله فيعترض سبيله المثبطون، ويخوفونه
من ترك أولاده, فيقول,علينا أن نطيع الله تعالى كما أمرنا، وعليه أن
يرزقنا كما وعدنا,وكان المعوقون والمخذلون يذهبون إلى المرأة فيثيرون
مخاوفها على رزقها ورزق عيالها إذا ذهب زوجها إلى الجهاد، فتجيبهم في ثقة
واطمئنان,زوجي عرفته أكَّالاً ولم أعرفه رزَّاقاً، فإن ذهب الأكَّال بقي
الرزَّاق,هذا
الاعتقاد يطبع الأنفس على الثبات، واحتمال المكاره، ومقارعة الأهوال،
ويحليها بحلل الجود والسخاء، ويدعوها إلى الخروج عن كل ما يعز عليها، بل
يحملها على بذل الأرواح، والتخلي عن نضرة الحياة ,كل هذا في سبيل الحق الذي
قد دعاها للاعتقاد بهذه العقيدة,والذي يعتقد بأن الأجل محدود,والرزق مكفول،
والأشياء بيد الله، يصّرفها كيف يشاء، كيف يرهب الموت في الدفاع عن حقه،
وإعلاء كلمة أمته، والقيام بما فرض الله عليه من ذلك,والإيمان
بالأخوة,ويستمد المؤمن
قوته من إخوانه المؤمنين، فهو يشعر بأنهم له وهو لهم,يعينونه إذا شهد،
ويحفظونه إذا غاب، ويواسونه عند الشدة، ويؤنسونه عند الوحشة، ويأخذون بيده
إذا عثر، ويسندونه إذا خارت قواه، فهو حين
يعمل يحس بمشاركتهم(وقد شبَّه النبي قوة المؤمن
بإخوانه المؤمنين باللبنة في البناء المتين، فقال(المؤمن للمؤمن كالبنيان
يشد بعضه بعضاً)اللبنة وحدها ضعيفة مقدور عليها، ولكنها داخل البنيان
أصبحت مرتبطة به ارتباطاً لا
AsheK DomyaT; توقيع العضو
|